طاجيكستان وقطر.. الصداقة الضاربة في عمق التاريخ والتعاون من أجل المستقبل الباهر
بقلم : خسرو صاحبزاده (سفير طاجيكستان في قطر) ..
منذ الوهلة الأولى من وصولي إلى الدوحة عندما استقبلني رئيس إدارة المراسم بوزارة خارجية قطر ببشاشة الوجه انتابني شعور دافئ وعميق بالقلب النابض بالعظمة والحضارة لهذا البلد العتيق وما يحمله أبناؤه الكرام من صفات الود ومشاعر الأخوة الصادقة والإنسانية المرهفة. وكل ما كنت أبصره بعيني وأستشعره بقلبي كان يلهمني بأنني قد حللت بيتي الثاني. هذا هو انطباعي الأول والصادق عن الشعب القطري والذي حملني على يقين أن هذا البلد جدير بالحب والتقدير.
وإنّ هذا البلد الذي يجسد القيم الخالدة لحضارتنا العالمية المشتركة يشق طريقه اليوم نحو التنمية المستدامة والرقي والازدهار تحت القيادة الرشيدة لأميرها المفدى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني «حفظه الله»- الصديق العزيز لطاجيكستان – وببركة وحدة الصف والجهود المضنية من أبنائها الشرفاء.
وإنّ ما تحرزه قطر من إنجازات وما تشهده من ازدهار على أصعدة الاقتصاد والاستثمار والبنية التحتية والتعليم والعلم والتكنولوجيا والثقافة إنما هو مبعث فخر واعتزاز لأشقائها.
ولا شك أن أصدق رمز للصداقة والأخوة بين طاجيكستان وقطر هو مشروع بناء الجامع الكبير بمدينة دوشنبه، حيثُ يعود الفضل لانطلاق هذه المبادرة إلى سيدي فخامة الرئيس وزعيم الأمة الطاجيكية إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان، وأخيه الأمير الوالد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني «حفظهما الله»، حيث إن الأعمال تجري على أرض المشروع بشكل متواصل بتمويل قطري.
ونتطلع إلى أنه بدعم ورعاية مباشرة من سمو أمير دولة قطر سينتهي هذا المشروع التاريخي في الأشهر القريبة القادمة وسيظل هذا الصرح الشامخ عبر مئات السنين نموذجاً ناطقاً بالصداقة الطاجيكية القطرية للأجيال القادمة ورمزاً بارزاً وجلياً لعظمة حضارتنا المشتركة.
إن طاجيكستان وقطر تتعاونان في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف. والأمر الذي لا مراء فيه أن التطرف والإرهاب لا ينسجمان مع طبيعة شعبي البلدين ولا مع طباع وسلوك المسلمين عامةً، لأن روح ديننا الحنيف مبنية على نبذ العنف والتطرف والإضرار والإساءة إلى الغير. ولقد اجتاز شعبانا الكريمان برؤوس شامخة كافة العوائق على مر التاريخ من خلال إيجاد منظومات حضارية وإنسانية مغزاها التعايش السلمي واحترام الأديان والثقافات المختلفة واليوم يمضيان بخُطى ثابتة في الطريق الذي اختاراه نحو الأمام مستندين على تلك القيم الخالدة.
نحن ننظر إلى مستقبل تعاون طاجيكستان وقطر بتفاؤل كبير ونتطلع إلى أنه في ضوء التعاون المثمر والدعم المتبادل سنشهد إنجازات عظيمة في مجالات الاقتصاد والتجارة والاتصالات الإقليمية والعلم والتعليم والتكنولوجيا، إذ إن طاجيكستان وقطر لا تمتلكان موارد طبيعية ضخمة فحسب، بل لديهما موارد بشرية كبيرة أيضاً.
وختاماً أود أن أسرد بيت شعر للشاعر الطاجيكي العبقري حافظ الشيرازي مع ترجمته إلى العربية والذي أنشده قبل 700 سنة وكأنه يجسد اليوم جهود أمير قطر من أجل تعزيز الصداقة والتعايش بين الأمم:
دَرَخٌتِ دُوسٌتِی بِنٌشانٌ کِه کامِ دِلٌ بَه باٌر آرَد
نِهالِ دُشٌمَنِی بَرٌکَنٌ کِه رَنٌجِ بیشُمارٌ آرَد
وترجمته:
اغرس شجرة الحب والصداقة فإنها تثمر رغبات القلوب والأهواء
واقتلع شجرة الخصومة والعداء فإنها تجلب كثيراً من المتاعب والأرزاء