كلمة معالي وزير خارجية جمهورية طاجيكستان السيد سراج الدين مهر الدين في المناقشات العامة للدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة

معالي الرئيس ،
معالي الأمين العام،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أنضم باسم جمهورية طاجيكستان إلى المتحدثين السابقين في تقديم التهاني لكم شخصيًا، معالي السفير تشابا كوروسي، والمجر على انتخابكم رئيسًا للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأشيد بسلفكم، معالي السيد عبد الله شاهد، لإدارته الفعالة وقيادته الممتازة خلال المرحلة الأكثر صعوبة وتحدياً بالنسبة للبشرية جمعاء. وكانت خبرته الدبلوماسية والتنفيذية والتشريعية الواسعة و”رئاسته للأمل” مصدر إلهام للكثيرين.
أصحاب المعالي والسعادة ،
يمر عالمنا بأوقات مضطربة.
نحن نشهد تحول النظام العالمي القائم.
وإن التهديدات مثل الإرهاب والتطرف والاتجار بالمخدرات والأسلحة والجرائم الإلكترونية وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود مرشحة للزيادة بأضعاف مضاعفة.
كما أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية وانعدام الأمن الغذائي والتأثير المستمر للوباء من الأمور التي تزيد النار وقوداً.
يحتاج المجتمع الدولي إلى أدوات مناسبة للبيئة السريعة التدهور اليوم. والآليات التي تم إنشاؤها قبل عقود من الزمن تجد الآن صعوبة في التعامل مع التحديات الناشئة.
والعالم بحاجة إلى مزيد من التعددية القوية لمواجهة أصعب التحديات تحت مظلة الأمم المتحدة.
لذلك ، تدعم طاجيكستان جهود الأمين العام للأمم المتحدة الهادفة إلى الإصلاح الشامل للمنظمة لتعزيز قدرتها على الاستجابة في الوقت المناسب وبشكل مناسب لاحتياجات التنمية والتصدي بفعالية للتهديدات المعاصرة.
ونرحب بتقرير الأمين العام تحت عنوان “خطتنا المشتركة”، ولا سيما الاقتراح الداعي إلى عقد “قمة المستقبل” و”القمة الاجتماعية العالمية” و”إنشاء مكتب مخصص للشباب في الأمم المتحدة” و”الاتفاق الرقمي العالمي” و”إعلان حول الأجيال القادمة”. وبالتالي فإننا نؤيد التوصيات التي تهدف إلى زيادة التركيز على المستقبل في كل ما نقوم به.
هناك فرصة تاريخية لتوجيه التغيير في اتجاه يصب لصالح البشرية جمعاء. ولا ينبغي أن تضي هذه الفرصة.
معالي الرئيس،
اسمحوا لي أن أتطرق إلى ثلاثة مواضيع إضافية لها أهمية قصوى لوفدي: تنفيذ خارطة الطريق – خطة عام 2030م ، والمياه وتغير المناخ ، والسلام والأمن.
أولاً: نبذة عن أجندة 2030م وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها
تؤكد طاجيكستان مجددًا بقوة التزاماتها بالتنفيذ الكامل لخطة عام 2030م وأهداف التنمية المستدامة الخاصة بها ، معترفةً بها كمخطط للتعافي الشامل والمستدام والمرن من جائحة “كوفيد-19” وتسريع عقد العمل وتحقيق التنمية المستدامة لكافة بلدان المجتمع الدولي.
وتحقيقا لهذه الغاية ، نعتزم تقديم الاستعراض الوطني التطوعي الثاني (VNR) العام المقبل خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى في نيويورك وتقديم تقرير عن تقدمنا والتحديات التي نواجهها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني.
كما أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ، فإن “سنوات أو حتى عقود من التقدم الإنمائي قد توقفت أو تعرقلت” نتيجة لـ “كوفيد-19″، وأزمة المناخ ، والصراعات. ونحن متخلفون في العديد من أهداف التنمية المستدامة.
لقد اتخذت حكومة طاجيكستان خطوات جريئة نحو دمج أهداف التنمية المستدامة في السياسات الوطنية وخطط التنمية. وعلى الرغم من التقدم الكبير المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما أهداف التنمية المستدامة 1 و 4 و 6 و 7 و 13 ، إلا أن هناك مخاطر كبيرة ، مثل المخاطر والكوارث المتعلقة بالمناخ والتي يمكن أن تبطئ أو تعرقل مسار طاجيكستان نحو تحقيق جدول الأعمال 2030م وتهدد الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي.
وإن تعزيز وسائل التنفيذ، ولا سيما بالنسبة للبلدان النامية من خلال تهيئة البيئة العالمية التمكينية للتنمية وتعبئة موارد مالية إضافية وتخفيف عبء الديون الخارجية ونقل التكنولوجيات الصديقة للبيئة وتعزيز القدرات الوطنية من الأمور ذات الأهمية البالغة .
ثانياً: المياه وتغير المناخ
معالي الرئيس،
شهد العالم هذا العام ظواهر طبيعية غير مسبوقة متعلقة بالمياه.
نتيجة لذلك تعرضت عشرات الآلاف من المنازل والمجتمعات والبنى التحتية للدمار. ولقد ألحقت أضرار جسيمة بالاقتصاد وأزهقت الآلاف من الأرواح البشرية.
بينما كنا جميعًا نكافح مع عواقب هذه الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمياه، أصبحنا ندرك بشكل متزايد أن المياه أمر حيوي ومورد يجب علينا تقديره وحمايته واستخدامه وإدارته بفعالية.
إن طاجيكستان دأبت على الدعوة لهذه القضية لأكثر من عقدين من خلال المناشدة الفعالة عبر مختلف المبادرات والقرارات المتعلقة بالمياه على جميع المستويات.
ونحن بحاجة إلى إجراءات من شأنها أن تحدث فرقًا حقيقيًا.
فمن هذا المنطلق تم تسمية العقدين الدوليين اللذين أطلقتها طاجيكستان – “الماء من أجل الحياة” 2002-2015، و”المياه من أجل التنمية المستدامة” 2018-2028، بالعقدين للعمل.
ولاستعراض التقدم المحرز ومناقشة التحديات المتعلقة بتنفيذ عقد العمل في مجال المياه أطلقنا عملية المياه في دوشنبه – المؤتمرات الدولية حول المياه والتي تعقد كل سنتين.
خلال الفترة 6 – 9 يونيو 2022م، عقدنا بنجاح مؤتمر دوشنبه الثاني في طاجيكستان، والذي أصبح اجتماعًا تحضيريًا رئيسيًا لاستعراض منتصف المدة لعقد المياه في عام 2023م. ويتضمن إعلان دوشنبه المعتمد في المؤتمر رسائل مهمة تدعو المجتمع الدولي لتوحيد الجهود والقيام بالتزامات جديدة وتكثيف وتسريع الإجراءات والشراكات لتحقيق أهداف عقد العمل في مجال المياه.
كما تعلمون، في 22-24 مارس 2023م ، ستعقد الأمم المتحدة مؤتمرها الثاني للمياه بعد 46 عامًا.
وسيكون مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2023م فرصة جيدة لنا جميعًا لمراجعة وتقييم التقدم المحرز والفجوات والعقبات التي واجهناها في تحقيق أهداف عقد المياه. وستكون أيضًا فرصة لتعزيز التعاون والشراكات لتسريع العمل لتحقيق الأهداف والغايات المتعلقة بالمياه المتفق عليها دوليًا، بما في ذلك تلك الواردة في خطة عام 2030.
وإن طاجيكستان وهولندا اللتين تقودان الاستعدادات لهذا الحدث العالمي، تعملان بحزم وجِدّ على جعل المؤتمر لحظة فاصلة للعالم بأسره.
ولكن لا يمكننا تحقيق ذلك إلا من خلال توحيد جهود المجتمع الدولي بأسره، من المواطنين العاديين إلى القادة السياسيين، ومن المجتمعات المحلية إلى حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. نحن بحاجة إلى إجراءات تحويلية ومبتكرة يمكن أن تحدث فرقًا، وتقود حركات عالمية جديدة ستصبح “عوامل تغيير قواعد اللعبة.”
وفي إطار مؤتمر دوشنبه أطلقنا جدول أعمال المياه كأحد نتائج مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في عام 2023م. ونتوقع ونشجع الجميع على الحضور في المؤتمر بالتزامات جديدة لإثراء جدول أعمال المياه.
نحن نقدر عاليا تعاوننا مع هولندا في هذه العملية. ويعدّ مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023م فرصة فريدة لنا جميعًا لإحداث تغيير جوهري في أفكارنا وخططنا وإجراءاتنا لفهم موارد المياه وتقديرها وإدارتها بشكل أفضل لأن الماء هو مصدر الحياة!
وهذا مهم وضروري ليس فقط لنا اليوم ، ولكن لأطفالنا وأجيالنا القادمة!
هذه فرصة لنا جميعًا ولا يحق لنا أن نفوّتها!
معالي الرئيس،
يعدّ تأثير تغير المناخ على الموارد المائية موضوعًا مهمًا آخر يتطلب جهودًا متضافرة. إلى جانب الزيادة في التدفقات الطينية والفيضانات وندرة المياه والجفاف والتغيرات في الدورة الهيدرولوجية، فإن الذوبان المتسارع للأنهار الجليدية وهي المصادر الرئيسية للمياه العذبة على هذا الكوكب يشكل مصدر قلق كبير اليوم.
يسلط التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ‎ الضوء على أن ذوبان الغطاء الثلجي والأنهار الجليدية والتربة الصقيعية يمكن أن يكون له تأثير متتال، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل أسرع. ويمكن أن يؤدي ذوبانها المتسارع وزيادة استهلاك المياه المرتبط بالنمو السكاني والتنمية الاقتصادية إلى عواقب سلبية.
وتحقيقا لهذه الغاية ، تعمل طاجيكستان بنشاط على تعزيز نهج متكامل لمعالجة قضايا المياه والمناخ، بما في ذلك داخل تحالف المياه والمناخ. وخلال الاجتماع الأول للتحالف تقدم فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان باقتراح أن يتم إعلان عام 2025 عامًا دوليًا للحفاظ على الأنهار الجليدية. ونحن نعمل حاليًا على مشروع قرار لتمرير المبادرة المذكورة من خلال اللجنة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وإننا نتطلع إلى مشاركتكم البناءة ودعمكم لهذا القرار المهم.
وبصفتها رئيسًا للصندوق الدولي لإنقاذ بحر آرال تعمل طاجيكستان بنشاط على تعزيز التعاون في مجال المياه ضمن هذه الآلية. وهي تعتزم تقوية وتعزيز العلاقات مع دول آسيا الوسطى الأخرى في المجالات الحيوية مثل الطاقة والبيئة وتغير المناخ.
ثالثاً: السلم والأمن
السلام والأمن عاملان أساسيان في تمكين التنمية، ولا يمكن لأي بلد أن يتطور أو ينمو اقتصاديًا دون هذين الشرطين الضروريين.
وفي هذا الصدد من الضروري تعزيز التنسيق بين الدول من خلال وكالات خاصة ووكالات إنفاذ القانون لإنشاء آليات محددة لمكافحة الإرهاب والتطرف، بما في ذلك مواجهة انتشار الأيديولوجيات المتطرفة.
ويجب أن تكون الاستجابة للتهديد المتزايد للإرهاب والتطرف شاملة، وذلك في ظل الدور التنفيذي والمحوري للأمم المتحدة. ويجب أن تركز الجهود أيضًا على منع استخدام الإنترنت كأداة لدعاية التطرف والعنف.
وقد اتخذت طاجيكستان من جهتها عدة تدابير في هذا الاتجاه، حيث اعتمدنا في هذا الإطار “الاستراتيجية الوطنية وخطة العمل لجمهورية طاجيكستان بشأن مكافحة الإرهاب والتطرف للفترة 2021-2025” وأعربنا عن استعدادنا ودعونا شركاءنا الدوليين لمواصلة مساعدتهم من أجل التنفيذ الناجح لهذا المشروع الذي سيسهم أيضًا في المعالجة الشاملة لقضايا مكافحة الإرهاب.
تؤمن طاجيكستان بقوة أنه يجب أن يكون للدول الصغيرة فرصة أكبر للمساهمة في إيجاد حلول للحفاظ على السلام والأمن. ومن ثم، بعد سنوات من المساهمات في التعددية من خلال المشاركة النشطة في أنشطة وعمليات الأمم المتحدة واكتساب خبرة فريدة في صنع السلام ومعرفة ثاقبة حول أفغانستان ، فقد حان الوقت لطاجيكستان للسعي لأول مرة للحصول على مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة للفترة 2028-2029م. ونتطلع إلى العمل عن كثب مع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لكسب الثقة والدعم لهذه الحملة المهمة.
معالي الرئيس،
إن طاجيكستان وهي دولة محبة للسلام مرت بحرب أهلية مدمرة وتقدر قيمتها وتدرك بوضوح عواقبها طويلة الأمد.
ولذلك لا يمكننا أن نبقى غير مبالين بمصير جيراننا المباشرين – شعب أفغانستان النبيل الذي عانى بما فيه الكفاية على مدار الأربعين عامًا الماضية ويستحق الآن السلام والطمأنينة.
قبل عام واحد بالضبط، في نفس هذه القاعة، ألقى فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس طاجيكستان كلمته الافتراضية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وخصص 60٪ من بيانه للوضع في أفغانستان. كان ذلك بعد شهر تقريبًا من سيطرة حركة طالبان والجماعات الإرهابية التابعة لها على أفغانستان.
ولسوء الحظ ، لم تلق مخاوفه وتحذيراته آذاناً صاغية.
وبعد عام على سقوط أفغانستان:
– لم يتم تشكيل حكومة شاملة على الرغم من الدعوات المتكررة من الأفغان والدول الإقليمية والمجتمع الدولي لمزيد من التنوع العرقي والسياسي والجغرافي في الهياكل الإدارية الفعلية. وظل “مجلس الوزراء المؤقت” المكون من 25 عضوًا و 34 من حكام المقاطعات الفعليين حكراً على طالبان؛
– البلد على حافة كارثة إنسانية واقتصادية حيث يحتاج 59 في المائة من السكان إلى مساعدات إنسانية. ولتخفيف معاناة الشعب الأفغاني خلال الأوقات الصعبة وفرت طاجيكستان بنيتها التحتية وأراضيها ووسائل الاتصال لجميع أصحاب المصلحة والبلدان المانحة لتقديم المساعدة الإنسانية مباشرة إلى شعب أفغانستان. كما أننا لم نتوقف أبدًا عن إمداد شعب أفغانستان بالكهرباء التي يحتاجها بشدة منذ وصول طالبان إلى السلطة؛
– يتم إيجاد بيئة التخويف وتراجع احترام حقوق الإنسان بما في ذلك حقوق النساء والفتيات، ويتم تسجيل أنباء مؤكدة بوقوع أعمال قتل انتقامية وحالات اختفاء قسري وانتهاكات أخرى. وبحسب بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان ، تم توثيق ما لا يقل عن 40 حالة قتل خارج نطاق القضاء وما لا يقل عن 30 حالة تعذيب وسوء معاملة وما لا يقل عن 80 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي لأفراد ينتمون إلى قوى المقاومة الوطنية؛
– تباين الآراء والتناقضات الداخلية القائمة داخل طالبان وظهور جماعات معارضة مسلحة إضافية ، بما في ذلك “داعش” وجماعات إرهابية أخرى، مما يجعل الوضع الأمني في البلاد أكثر هشاشة. علاوة على ذلك، فإن عدم قدرة طالبان على السيطرة على مقاتليها والجماعات الإرهابية الأخرى، مثل القاعدة وجماعة أنصار الله وحزب التحرير وحركة تركستان الشرقية الإسلامية والحركة الإسلامية في العراق التي تقيم معها طالبان علاقات وثيقة، يزيد من تعقيد الوضع الصعب بالفعل. وإن اكتشاف وقتل أحد كبار العقول الاستراتيجية للقاعدة في كابول هو شهادة حية على تلك الروابط.
– تتحول أفغانستان بشكل سريع لملاذ آمن للجماعات الإرهابية ونقطة انطلاق التحركات المتطرفة والراديكالية لطالبان. لقد أفاد فريق مراقبة الدعم التحليلي والعقوبات أن “المقاتلين الإرهابيين الأجانب يتمتعون بحرية أكبر في البلاد أكثر من أي وقت في التاريخ”. وبالإضافة إلى ذلك ، نشهد عملًا منهجيًا على نقل الجماعات المسلحة المكونة من مواطنين سابقين من آسيا الوسطى إلى شمال أفغانستان بهدف خلق بؤرة توتر جديدة بالقرب من حدودنا. وإن القصف الأخير لأراضي طاجيكستان من أفغانستان يثير الشك مرة أخرى حول رغبة طالبان في التعايش السلمي مع البلدان المجاورة.
صراحةً، فإن الوضع في أفغانستان آخذ في التدهور على جميع الجبهات وليس هناك أي أمل في حدوث أي تحسن.
ولسوء الحظ ، فإن التداعيات هائلة بالنسبة لطاجيكستان التي لها حدود مشتركة طولها 1400 كم مع هذا البلد.
في الوضع الحالي المثير للقلق من الأهمية بمكان بالنسبة لطاجيكستان تعزيز حدودها مع أفغانستان وإنشاء البنية التحتية الحدودية الضرورية على طولها بالكامل. وفي هذا الصدد نأمل أن يواصل المجتمع الدولي تقديم المساعدة العسكرية والتقنية لطاجيكستان لحماية حدودها الجنوبية من الغزوات المسلحة المحتملة.
وفي الوقت نفسه ، نعتقد أن مشاركة أفغانستان في عملية التعاون الإقليمي المتعدد الأوجه مفتاح لنجاح الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي. وفي هذا السياق، فإن أحد أهم الاتجاهات يتمثل في إيجاد بيئة مواتية لاستخدام القدرات الترانزيتية لبلدان آسيا الوسطى وأفغانستان وكذلك إنشاء البنى التحتية اللازمة لحرية حركة السلع والخدمات في المنطقة.
إن طاجيكستان ، إذ تعترف بالدور المركزي والمحايد للأمم المتحدة في تعزيز السلام والاستقرار في أفغانستان، تقدر الجهود التي يبذلها معالي الأمين العام من خلال بعثة الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان (UNAMA) من أجل مساندة شعب أفغانستان في التغلب على المشاكل السياسية والإنسانية والاجتماعية والتحديات الاقتصادية.
معالي الرئيس،
في 20 سبتمبر عندما ألقت قيادة جمهورية قرغيزستان كلمتها من على هذه المنصة العليا تطرقت لموضوع الصراع على الحدود الطاجيكية القرغيزية.
تعرب طاجيكستان عن خيبة أملها العميقة من أن قضايا تسوية خط الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان والتي ورثناها من التاريخ قد أثيرت بلا مبرّر في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأرى أنه من المهم إبلاغكم أنه في 19 سبتمبر 2022 وقّع الممثلون المفوضون للجانبين على البروتوكول الخاص بتسوية الوضع على الحدود. وقد توقفت جميع العمليات القتالية. واتفق الجانبان على سحب القوات والمعدات العسكرية لكلا الطرفين إلى أماكن تمركزها الدائم. وتم تنظيم عملية تفتيش مشتركة في المنطقة الحدودية. وقد تم تشكيل فريق عمل مشترك لرصد تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها. وأهم شيء في هذا السياق هو أن كلا الطرفين أعاد تأكيد التزامهما بحل جميع القضايا الثنائية بالوسائل السياسية والدبلوماسية حصراً. ولقد التزمت طاجيكستان بهذا المبدأ وستلتزم به دائمًا عند ظهور أي قضية، بما في ذلك تسوية الوضع على الحدود.
ومن المؤسف أن قرغيزستان تضرب بالتوافقات التي تم التوصل إليها عرض الحائط وتخلق مظهراً كاذباً لانسحاب القوات والمعدات العسكرية الثقيلة من خط التماس بإخفائها في مناطق سكنية بالقرب من الحدود. لذلك فإن المسؤولية عن أي توتر مستقبلاً على الحدود الطاجيكية – القرغيزية ستقع حصريًا على الجانب القرغيزي.
لقد تحدثت قيادة الدولة المجاورة في حديثها عن مقتل مواطنيها وأضرار مادية محاولةً منها خلق انطباع زائف بأنهم هم الضحايا حصراً للمأساة التي حدثت على الحدود. بينما الحقائق تدل على خلاف ذلك.
لقد أسفر العدوان العسكري الذي قامت به قرغيزستان عن مقتل أكثر من أربعين مدنياً في طاجيكستان وإصابة نحو مائتي شخص بجروح. وكان من بين الضحايا نساء حوامل وأطفال وشيوخ وأطباء وعدد من المصلين المسلمين الذين كانوا يقيمون صلاة الجنازة في مسجد.
وبالإضافة إلى المرافق الحدودية، تم تدمير المدارس والمستشفيات ودور العبادة والمباني السكنية ومرافق البنية التحتية والاتصالات. إذن من هو المعتدي؟
تقوم طاجيكستان حاليًا بتخصيص موارد كبيرة لإعمار المنازل المدمرة ومرافق البنية التحتية الحيوية.
والمأساة التي حدثت في المنطقة الحدودية ليست صدفة. منذ الخريف الماضي كان جيراننا يستعدون للعدوان من خلال إنشاء البنية التحتية العسكرية بالقرب من حدودنا.
وفي السنوات الأخيرة يتشدق جيراننا كثيرًا، بما في ذلك عبر هذه المنصة العالية، عن أهمية شريان النقل الدولي وخلق ظروف مواتية للنقل، داعين إلى إزالة الحواجز أمام التعاون الاقتصادي وتبسيط إجراءات عبور الحدود والترانزيت بين البلدان والمناطق.
وفي الوقت نفسه ، غالبًا ما تخلق قرغيزستان مشاكل عند عبور البضائع من وإلى طاجيكستان، مما يؤدي إلى تأخير الشاحنات التي تحمل آلاف الأطنان من بضائعنا.
معالي الرئيس،
نحن قد نجحنا في تسوية قضايا الحدود مع كل من الصين وأوزبكستان بنجاح، وهذا إنجاز لجميع أطراف العملية المطولة.
ولقد تراكمت لدينا الخبرة الكافية التي ينبغي توظيفها بالكامل لتسوية القضايا الحدودية على أسس الاحترام المتبادل والثقة والانفتاح.
على مدى عشرين عامًا من تاريخ المفاوضات مع قرغيزستان، وقعنا عشرات البروتوكولات. ولكن مع مرور الوقت وتعاقب القوى السياسية في السلطة، فإن الجانب القرغيزي يراجع هذه الوثائق باستمرار وينفذ حصرياً البنود والأحكام التي تصب في صالحه فقط ، بينما يغض النظر عن البنود والأحكام الأخرى.
وبحلول عام 2022م، جنبًا إلى جنب مع قرغيزستان، من خلال العمل الدؤوب للفرق الطبوغرافية والقانونية، تمكنا من إعداد مسودة اتفاق لترسيم نحو ستمائة واثنين ونصف (602.5) كيلومتر من حدودنا المشتركة، أي ما يقرب من 61% من طوله الإجمالي.
وإن طاجيكستان اعتمادًا على التجربة الدولية لترسيم الحدود ، عرضت مرارًا وتكرارًا على جارتها التسجيل القانوني لنتائج هذا العمل الدؤوب على مدى السنوات العديدة من خلال التوقيع على اتفاقية بشأن أجزاء منفصلة من الحدود. ولكن جيراننا يرفضون هذا الاقتراح بشدة.
لقد أشارت قيادة قرغيزستان من على هذه المنصة العليا إلى “اتفاقية إنشاء رابطة الدول المستقلة (كومنولث)” وإعلان “ألماتي” محاولةً منها أن هاتين الوثيقتين تمثلان إطاراً قانونياً لتحديد حدود الدولة. ولكن يجب التأكيد على أن موضوع هاتين الوثيقتين ليس تحديد الخط الحدودي.
ومما يبعث على بالغ الأسف أنه منذ خمسينيات القرن الماضي استولت قرغيزستان بشكل تعسفي وبنهج مغرض على أكثر من ألفين ومائة وعشرة (2110) كيلومترات مربعة من أراضي طاجيكستان، وذلك بالاعتماد على نهجها الأحادي الجانب. بينما جيراننا لم يذكروا شيئاً عن ذلك أيضًا.
أود أن أبلغ الجمعية العامة بأن طاجيكستان وقرغيزستان قد توصلتا إلى اتفاق بشأن وصف خط حدود الدولة وفقًا لوثائق ترسيم الحدود القومية لسنوات 1924-1927م. وهذه الوثائق هي التي مرت بجميع الإجراءات الدستورية وبالتالي فهي تمثل إطاراً قانونياً وحيداً لمواصلة عملية التفاوض. وعلى الرغم من ذلك من أجل إبداء حسن النية وأقصى قدر من المرونة، استجبنا نحن لرغبة جيراننا فوافقنا أيضًا على استخدام مستندات لجنة التكافؤ لعام 1989 وذلك بطلب الجانب القرغيزي.
إن القضايا الحدودية لا يتم حلها عن طريق إصدار البيانات وخلق حالات الأزمات. نحن بحاجة إلى عمل يومي مدروس ومشترك مبني على الإرادة السياسية للطرفين. وإن غياب هذه الإرادة يؤدي إلى أزمات لا نواجه مثلها للمرة الأولى، ولا سيما في العامين الماضيين.
نحن على استعداد لمواصلة المفاوضات ومقتنعون بأن الشعبين الطاجيكي والقرغيزي لهما الحق في التعايش والبناء معًا في جو من السلام والصداقة والوئام.
إن طاجيكستان التي عاشت ويلات الصراع الداخلي تقدر قيمة السلام وستبذل قصارى جهدها من أجل أن يسود الأمن والاستقرار في منطقتنا.

معالي الرئيس،
من أجل مواصلة النقاش حول مسألة منع تحركات الإرهابيين والجماعات الإرهابية، والإدارة الفعالة للحدود وتدابير مكافحة الإرهاب ذات الصلة، ستقيم حكومة طاجيكستان ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) وشركاؤه المؤتمر الدولي الرفيع المستوى تحت عنوان “التعاون الدولي والإقليمي في مجال أمن الحدود وإدارتها من أجل مكافحة الإرهاب ومنع تنقل الإرهابيين” في دوشنبه بطاجيكستان في 18-19 أكتوبر 2022م.
وسيجمع المؤتمر ممثلين رفيعي المستوى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين عن المنظمات الدولية والإقليمية، وأنظمة الميثاق العالمي للأمم المتحدة لتنسيق مكافحة الإرهاب ومنظمات المجتمع المدني والخبراء.
وإننا نتطلع إلى الترحيب بجميع الوفود الرفيعة المستوى في طاجيكستان.
شكراً على حسن استماعكم!

National Development Strategy of the Republic of Tajikistan for the period up to 2030

UN Resolution entitled International Decade for Action “Water for Sustainable Development”, 2018-2028

MFA Publications

Hotline for Tajikistan citizens abroad